کد مطلب:239580 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:148

الموقف 08
و أعتقد أنه أعظمها أثرا، و أعمها نفعا، و هو ما كتبه (ع) علی وثیقة العهد، التی كتبها المأمون بخط یده ..

فاننا اذا ما رجعنا الیه نجد : أن كل سطر فیه، بل كل كلمة لها مغزی عمیق، و دلالة هامة، تلقی لنا ضوءا كاشفا علی خطته (ع) فی مواجهة مؤامرات المأمون، و خططه، و أهدافه ..

فلقد كان یعلم : أن هذه الوثیقة ستقرأ فی مختلف الأقطار الاسلامیة، و لذلك نراه (ع) قد اتخذها وسیلة لابلاغ الامة الحقیقة كل الحقیقة، و تعریفها بواقع نوایا و أهداف المأمون . و أیضا تأكید حق العلویین، و كشف المؤامرة التی تحاك ضدهم ..

فبینما نراه (ع) یبدأ كلامه - فیما كتبه فی الوثیقة المشار الیها - بدایة غیر طبیعیة، و لا مألوفة فی مناسبات كهذه حیث قال : « الحمد لله الفعال لما یشاء، و لا معقب لحكمه، و لا راد لقضائه .. » .. لا یأتی بعدها بما یناسب المقام، و یتلائم مع سیاق الكلام، من تمجید الله، و الثناء علیه علی أن ألهم أمیرالمؤمنین !! هذ الأمر .. بل نراه یأتی بعبارة غریبة، و غیر متوقعة، ألا و هی قوله : « یعلم خائنة الأعین، و ما تخفی الصدور الخ .. » .

أفلا توافقنی - قارئی العزیز - علی أنه (ع) یرید أن یوجه أنظار الناس الی أن الأمر ینطوی علی خیانة مبیتة، و أن هناك صدورا تخفی غیر ما تظهر ؟! . ثم ..ألا توافقنی علی أن هذه العبارة تعریض بالمأمون



[ صفحه 337]



نفسه ؛ من أجل تعریف الناس بحقیقة نوایاه و أهدافه ؟! . هذا مع علمه (ع) بأن هذه الوثیقة سوف ترسل الی مختلف أقطار العالم الاسلامی، لتقرأ علی الملأ العام، كما حدث ذلك بالفعل ..

و اذا ما وصلنا الی فقرة أخری، مما كتبه (ع) علی وثیقة العهد؛ فاننا نراه یقول : « .. و صلاته علی نبیه محمد خاتم النبیین، و آله الطیبین الطاهرین .. » فاننا اذا لاحظنا : أنه لم نجر العادة فی الوثائق الرسمیة فی ذلك العهد بعطف « الآل » علی « محمد »، ثم توصیفهم ب « الطیبین الطاهرین » - نعرف أن هذا لیس الا ضربة أخری للخلیفة المأمون، و هجوم آخر علیه ؛ حیث انه یتضمن التأكید علی طهارة أصل الامام (ع) ، و سنخه ، و محتده ؛ و علی أن الآل قد اختصوا بهذه المزیة، و لیس لكل من سواهم، حتی الخلیفة المأمون ، مثل هذا الشرف، و لا مثل تلك المزیة ..

ثم نراه (ع) یعقب ذلك بقوله : « .. ان أمیرالمؤمنین .... عرف من حقنا ما جهله غیره .. » ..

فما هو ذلك الحق الذی جهله الناس كلهم، حتی بنی العباس، فیما عدا المأمون ؟! ..

فهل یمكن أن تكون الامة الاسلامیة قد انكرت أنهم (ع) ابناء بنت رسول الله (ص) ؟!!. ألیس ذلك منه (ع) اعلان للامة بأسرها بأن المأمون لم یجعل له الا ما هو حق له، و أنه لم یزد بذلك علی أن أرجع الحق الی أهله، بعد أن كان قد اغتصبه منهم الغاصبون، و اعتدی علیهم به المعتدون ؟! .. بل ألیس ذلك ضربة للمأمون نفسه، و أن خلافته لیست شرعیة، و لا صحیحة ؛ لأنه كآبائه مغتصب لحق غیره ؟!

نعم .. ان الحق الذی جهله الناس هو حق الطاعة . و لم یكن



[ صفحه 338]



الامام (ع) یتقی المأمون، و لا غیره من رجال الدولة، فی اظهار هذا الحق، و بیان أن خلافة الرسول (ص) انما كانت فی علی (ع)، و ولده الطاهرین، و أنه یجب علی الناس كلهم طاعتهم، و الانقیاد لهم . و قد اعلن (ع) ذلك فی نیشابور كما قدمنا .. و رأیناه یصرح به، و یطلب من الناس أن یعلم شاهدهم غائبهم به ، فی محضر من رجال الدولة فی خراسان، ففی الكافی : بسنده عن محمد بن زید الطبری قال : كنت قائما علی رأس الرضا (ع) بخراسان، و عنده عدة من بنی هاشم ، و فیهم اسحاق بن موسی بن عیسی العباسی ؛ فقال : « یا اسحاق، بلغنی أن الناس یقولون : انا نزعم، أن الناس عبید لنا !! . لا و قرابتی من رسول الله (ص) ما قلته قط ، و لا سمعته من آبائی قاله ، و لا بلغنی عن أحد من آبائی قاله ، و لكننی أقول: الناس عبید لنا فی الطاعة، موال لنا فی الدین ؛ فلیبلغ الشاهد الغائب .. » [1] .

و ستأتی الاشارة الی هذه الروایة مرة أخری فی الفصل الآتی .. و لیتأمل فی عبارته الأخیرة . فلیبلغ الخ .. و لیلاحظ أیضا أنه اختار لتوجیه خطابه : اسحاق بن موسی بن عیسی العباسی !!!

و فی الكافی أیضا بسنده عن معمر بن خلاد قال : سأل رجل فارسی أباالحسن (ع)، فقال : طاعتك مفترضة ؟ . فقال : نعم . قال : مثل طاعة علی بن أبی طالب (ع) ؟ . قال : نعم [2] .

و المراد بأبی الحسن هو الرضا (ع) ؛ لأنه هو الذی كان فی خراسان، و هو الذی یروی عنه معمر بن خلاد كثیرا .. و مثل ذلك كثیر لا مجال لتتبعه ..



[ صفحه 339]



و یقول (ع) فی وثیقة العهد ، بعد تلك العبارة مباشرة : « .. فوصل أرحاما قطعت ، و آمن أنفسا فزعت ، بل أحیاها و قد تلفت ، و أغناها اذا افتقرت » .

فهو كما تری .. فی حین یشكر المأمون ، و یكتب تحت اسمه : « بل جعلت فداك » ( حسب روایة الاربلی فقط ) ، لا ینسی أن یشوب ذلك بالازراء ضمنا علی آبائه العباسیین . و یذكر بما اقترفوه فی حق العلویین ، حیث كانوا یلاحقونهم تحت كل حجر و مدر ، و یطلبونهم فی كل سهل و جبل ، كما قدمنا ..

هذا .. و لا بأس أن نقف قلیلا عند قوله : « و انه جعل الی عهده ، و الامرة الكبری - ان بقیت - بعده .. » .

فاننا لا نكاد نتردد فی أنه (ع) یشیر بقوله : « ان بقیت بعده » الی ذلك الفارق الكبیر بالسن بینه (ع) ، و بین المأمون . و أنه یتعمد توجیه الأنظار الی عدم طبیعیة هذا الأمر ، و الی عدم رغبته فیه .

و انه كان یرید أن یعرف الناس بأنه یتوقع فی أن لا یدخر المأمون وسعا من أجل التخلص منه ، ولو بالاعتداء علی حیاته (ع) ، فیما لو سنحت له الفرصة لذلك ، بعد أن یكون قد حقق كل ما كان یرید تحقیقه ، و وصل الی ما كان یطمح الی الوصول الیه ؛ حیث لابد حینئذ أن « یحل العقدة التی أمر الله بشدها » . و لابد أیضا أن تنكشف خیانته للملأ ، و یظهر ما یخفیه فی صدره ، علی حد تعبیره (ع) .. و الا فما هو الداعی له (ع) لاقحام هذا الشرط - ان بقیت - فی أثناء مثل هذا الكلام ..

و اننا اذا نظرنا بعمق الی قوله بعد ذلك : «فمن حل عقدة أمر الله بشدها ، و فصم عروة أحب الله ایثاقها .. » . و تأملنا قوله السابق :



[ صفحه 340]



یعلم خائنة الأعین ، و ما تخفی الصدور . و قوله اللاحق : لكننی امتثلت أمر أمیرالمؤمنین ، و آثرت رضاه .. فلسوف نعرف: أنه (ع) یعرض هنا بالمأمون نفسه ، و یقول للناس جمیعا : انه لا یشك فی أن المأمون سوف ینقض العهد ، و یحل العقدة .

و یلاحظ هنا أیضا : أنه وصف هذه العقدة بأنها مما أمر الله بشده ، و أحب ایثاقه .. و هذا لعله لا یختلف عما كان (ع) یردده ، و یؤكد علیه كثیرا ، و نص علیه آنفا ، و هو أن المأمون لم یجعل له الا الحق الذی جهله غیره ، و اغتصبه هو و آباؤه ، منه (ع) و من آبائه..

و اذا ما وصلنا الی قوله (ع) : « .. بذلك جری السالف ، فصیر منمه علی الفلتات ، و لم یعترض بعدها علی العز مات ، خوفا من شتاب الدین ، و اضطراب حبل المسلمین ، و لقرب أمر الجاهلیة الخ .. » .

فاننا نراه كأنه یستشهد لا طاعته المأمون ، و عدم اصراره علی الرفض الموجب لتعریض نفسه ، و العلویین ، و شیعته للهلاك ، و الاضطهاد - یستشهد لذلك - بما جری لسالفه : و هو أمیرالمؤمنین علی (ع) ، حیث صبر علی الفلتات [3] التی كانت من خلفاء عصره ، و لم یعترض (ع) علی ما كانوا قد عقدوا العزم علیه، من المضی قدما فی مخططاتهم ، التی كانت تستهدف ابعاده عن مسرح السیاسة ، و تكریس الأمر الواقع ، و تثبیته ، لأنه یخدم مصالحهم ، و یرضی مطامحهم ..

- لم یعترض علی (ع) علی ذلك - لأنه خاف من شتات الدین ،



[ صفحه 341]



و اضطراب حبل المسلمین ، و لقرب أمر الجاهلیة .. و هذا مما قد نص علیه علی (ع) نفسه فی أكثر من مورد ، و أكثر من مناسبة؛ قال (ع) : « .. و أیم الله ، لولا مخافة الفرقة بین المسلمین ، و أن یعود الكفر ، و یبور الدین ، لكنا علی غیر ما كنا لهم علیه .. » ، و یقول : « ان الله لما قبض نبیه ، استأثرت علینا قریش بالأمر . و دفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة؛ فرأیت أن الصبر علی ذلك أفضل من تفریق كلمة المسلمین ، و سفك دمائهم ؛ و الناس حدیثوا عهد بالاسلام ، و الدین یمخض مخض الوطب ، یفسده أدنی وهن ، و یعكسه أدنی خلف .. » [4] .

و هكذا تماما كان الحال بالنسبة للامام الرضا (ع) ، حفید علی ، و وراثه ؛ و الذی كان زمانه لا یبعد حال الناس فیه عن حال الجاهلیة ، فانه آثر أن یصبر علی هذه المحنة ، خوفا من شتات الدین ، و اضطراب حبل المسلمین ؛ و ذلك بتعریض نفسه ، و شیعته ، و العلویین للهلاك ، أو علی الأقل للاضطهاد ، الأمر الذی سوف تكون له أسوأ النتائج علی الدین و الامة ، كما قلنا ..

و اذا ما قرأنا بعد ذلك قوله (ع) «.. و قد جعلت الله علی نفسی ، - ان استرعانی علی المسلمین ، و قلدنی خلافته - العمل فیهم عامه ، و فی بنی العباس بن عبدالمطلب خاصة ، بطاعة الله ، و سنة رسوله (ص) .. » .. فان ما یسترعی انتباهنا هو تنصیصه علی بنی العباس خاصة و أنه سوف یعمل فیهم بطاعة الله ، و رسوله .. « فلا یسفك دما حراما ، و لا یبیح فرجا و لا مالا ، الا ما سفكته حدوده ، و أباحته فرائضه الخ .. » .

فان هذا التنصیص انما هو فی مقابل « الأرحام التی قطعت ، و فزعت ،



[ صفحه 342]



و تفلت ، و افتقرت .. ، من العلویین ، علی ید بنی العباس ، الذین فعلوا بهم ، أكثر من فعل بنی امیة معهم ، حسبما قدمنا ..

و تعهده و التزامه بأن یعمل فی المسلمین عامة ، و فی بنی العباس خاصة ، بطاعة الله ، و سنة رسوله .. هو التزام بنفس الخط الذی التزم به علی (ع) ، و تعهد بانتهاجه . الأمر الذی كان سببا فی ابعاده عن الخلافة فی الشوری ، و اضطلاع عثمان بها . بل كان ذلك هو السبب فی ابعاده عنها ، بالنسبة لما قبل ذلك أیضا ، و ما جری بعده .

و علی (ع) هو نفس ذلك الذی استشهد به آنفا ، و بین أنه صبر علی الفلتات ، و لم یعترض علی العزمات خوفا من شتات الدین الخ ..

و الالتزام بخط علی (ع) لن یرضی المأمون ، و العباسیین ، و الهیئة الحاكمة . و لن یكون فی مصلحتهم ، حسبما المحنا الیه فی فصل : جدیة عرض الخلافة ..

كما أننا لا نستبعد كثیرا : أنه (ع) یرید أن ینبه علی مدی التفاوت بین المنطلقات لسیاسات أهل البیت ، و منطلقات سیاسات خصومهم ، التی عرفت جانبا منها فی القسم الأول من هذا الكتاب ..

و من هنا نعرف السر فی قوله (ع) : « .. و أن أتخیر الكفاة جهدی و طاقتی .. » . فانه اشارة الی أنه (ع) سوف ینطلق فی كل نصب و عزل - تماما كالامام علی (ع) - من مصلحة الامة ، و علی وفق رضا الله ، و تعالیم رسوله . لا من مصالح شخصیة ، أو اعتبارات سیاسیة ، أو قبلیة ، أو غیر ذلك من الاعتبارات ، التی لا یعترف بها الاسلام ، و لا یقیم لها وزنا ..

و اذا ما قرأنا قوله (ع) : « .. و ان أحدثت ، أو غیرت ، أو بدلت ، كنت للغیر مستحقا ، و للنكال متعرضا ، و أعوذ بالله من سخطه الخ .. » .



[ صفحه 343]



فاننا ندرك للتو أنه (ع) یرید ضرب العقیدة ، التی كان قد شجعها الحكام ، و روج لها علماء السوء .. من أن الخلیفة ، بل مطلق الحاكم فی منأی و مأمن من أی مؤاخذة ، أو عقاب ، مهما اقترف من جرائم ، و أتاه من موبقات ؛ فهو فوق القانون ، و لا یجوز لأحد الحروج ، أو الاعتراض علیه ، فی أی من الظروف و الأحوال ، حتی ولو رمی القرآن بالنبل ، و قتل ابن بنت رسول الله ، فضلا عما عدا ذلك من الجرائم و الموبقات ..

و الامام .. الذی یعرف كیف كانت سیرة المأمون ، و سائر خلفاء بنی العباس، و من لف لفهم ، و التی عرفت فیما تقدم طرفا منها ، و الذین كانوا یتمتعون بهذه الحصانة الزائفة .. قد أراد أن یوجه ضربة قاضیة لهم جمیعا ، حتی للمأمون ، و أشیاعه ، و كل من كان من الطواغیت و الظلمة علی شاكلتهم ، و یبین لهم ، و للملأ أجمع : أن الحاكم حارس للنظام و القانون ، و لا یمكن أن یكون فوق النظام و القانون ؛ و لذا فلا یمكن أن یكون فی منأی عن العقاب و القصاص ، لو ارتكب أی جریمة ، أو اقترف أیة عظیمة .

فالمأمون ، و آباؤه ، و أشیاعهم ، كانوا یضحون بكل شی ء فی سبیل أنفسهم، و مصالحهم الشخصیة ، و یقترفون كل عظیمة فی سبیل تدعیم حكمهم ، و تقویة سلطانهم .. أما الامام (ع) فهو مستعد لأن یقدم نفسه - ان اقتضی الأمر - للعقاب و النكال ، عند صدور أیة مخالفة ، و حصول أی تجاوز عما یرضی الله تعالی ، و عن سنة رسوله ..

و بعد كل ما تقدم .. نراه یعبر عن عدم رضاه بهذا الأمر ، و عدم تهالكه علیه ؛ لعلمه بعدم تمامیته له ؛ و یقول بصریح العبارة : انه أمر لا یتم ؛ لأن « .. الجفر و الجامعة یدلان علی ضد ذلك .. » . كما أن فی هذا تنویه مهم منه (ع) بذكر الركن الثانی من أركان امامة أئمة



[ صفحه 344]



أهل البیت علیهم السلام ، و هو أن الله تعالی اختصهم بأمور غیبیة ، و علوم لدنیة ، منعها عن سائر الناس .

و هذان الكتابان : الجفر ، و الجامعة ، هما من الكتب التی أملاها رسول الله (ص) علی علی أمیرالمؤمنین (ع) ، و كتبها بخط یده . و قد أظهر الأئمة علیهم السلام بعض هذه الكتب التی بخط علی (ع) ، و باملاء الرسول (ص) لعدة من كبار شیعتهم ، و استشهدوا بها فی موارد عدیدة فی الأحكام [5] .

و فی الحقیقة .. ان الامام (ع) ، و ان قبل ولایة العهد مكرها من المأمون .. و لكنه یرید بكلامه هذا ، و استشهاده بالجفر و الجامعة أن یقول له ، و لكل من كان علی شاكلته بصریح العبارة : « .. قد انبأنا الله بأخباركم ، و سیری الله عملكم ، و رسوله ، و المؤمنون ، و ستردون الی عالم الغیب و الشهادة فینبؤكم بما كمتم تعملون ، و یجزیكم علی ظلمكم و بغیكم علینا ، و انتهاككم الحرمات منا ، و لعبكم بدمائنا و أعراضنا ، و أموالنا .. » .

ثم نراه یترقی فی صراحته ، حیث یقول : « .. لكننی امتثلت أمر أمیرالمؤمنین ، و آثرت رضاه .. » . أی أنه لو لم یقبل بهذا الأمر لتعرض لسخط المأمون .. و الكل یعلم ماذا كان یعنی سخط أولئك الحكام ، الذین كانوا لا یحتاجون الی أی مبرر لاقترافهم أی جریمة ، و اقدامهم علی أی عظیمة ..

و أخیرا .. و رغم أن المأمون قد تقدم منه (ع) ، و طلب منه أن یشهد الله ، و الحاضرین علی نفسه .. نراه یأبی أن یكون المأمون ، و لا أی من الحاضرین شاهدا علی نفسه ، و لا جعل لهم علی نفسه سبیلا؛ لأنه



[ صفحه 345]



كان یعلم بما كانت تكنه صدورهم ، و تضطرم به قلوبهم علیه. بل جعل الله فقط شهیدا علیه ، و استعان بالآیة الكریمة ، التی تقطع الطریق علی كل أحد ، و تكتفی بالله شهیدا ، حیث قال: «و أشهدت الله علی نفسی ( و كفی بالله شهیدا ) .. » .


[1] الكافي ج 1 ص 187، و أمالي المفيد ص 148 ط النجف و أمالي الطوسي ج 1 ص 21، و مسند الامام الرضا عليه السلام ج 1 ص 96.

[2] الكافي ج 1 ص 187 ؛ و الاختصاص 278 ؛ و مسند الامام الرضا ج 1 ص 103 عنه.

[3] و من المحتمل جدا أنه عليه السلام : يشير الي تعبير عمر - كانت بيعة أبي بكر فلتة الخ - و لكنه عمم الكلام بحيث يشمل غير بيعة أبي بكر أيضا ؛ باعتبار أن بيعة عمر و عثمان ، و معاوية و غيرها ، كانت أيضا من الفلتات ، أو باعتبار تفرعها علي بيعة أبي بكر التي كانت فلتة.

[4] راجع شرح النهج للمعتزلي ج 1 ص 308 ، 307 و غير ذلك.

[5] راجع : كتاب مكاتيب الرسول ج 1 من ص 59 حتي ص 89 ، فقد اسهب القول حول هذه الكتب ، و استشهادات الأئمة بها ، و غير ذلك.